responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 286
وَالنَّدَمُ يَكُونُ فِي الْقَلْبِ، وَلَكِنَّهُ ذَكَرَ الْيَدَ لأنه يقال لمن تحصل على شي: قَدْ حَصَلَ فِي يَدِهِ أَمْرُ كَذَا، لِأَنَّ مُبَاشَرَةَ الْأَشْيَاءِ فِي الْغَالِبِ بِالْيَدِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ [1] 10". وَأَيْضًا: النَّدَمُ وَإِنْ حَلَّ فِي الْقَلْبِ فَأَثَرُهُ يَظْهَرُ فِي الْبَدَنِ، لِأَنَّ النَّادِمَ يَعَضُّ يَدَهُ، وَيَضْرِبُ إِحْدَى يديه على الأخرى، وقال اللَّهُ تَعَالَى:" فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى مَا أَنْفَقَ فِيها «[2]» " أَيْ نَدِمَ." وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ «[3]» " أَيْ مِنَ النَّدَمِ. وَالنَّادِمُ يَضَعُ ذَقَنَهُ فِي يَدِهِ. وَقِيلَ: أَصْلُهُ مِنَ الِاسْتِئْسَارِ، وَهُوَ أَنْ يَضْرِبَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ أَوْ يَصْرَعَهُ فَيَرْمِيَ بِهِ مِنْ يَدَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ لِيَأْسِرَهُ أَوْ يُكَتِّفَهُ، فَالْمَرْمِيُّ مَسْقُوطٌ بِهِ فِي يَدِ السَّاقِطِ. (وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا) أَيِ انْقَلَبُوا [4] بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ. (قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) أَخَذُوا فِي الْإِقْرَارِ بِالْعُبُودِيَّةِ وَالِاسْتِغْفَارِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ:" لَئِنْ لَمْ تَرْحَمْنَا رَبَّنَا وَتَغْفِرْ لَنَا" بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ. وَفِيهِ مَعْنَى الِاسْتِغَاثَةِ وَالتَّضَرُّعِ وَالِابْتِهَالِ فِي السُّؤَالِ وَالدُّعَاءِ." رَبَّنَا" بِالنَّصْبِ عَلَى حَذْفِ النِّدَاءِ. وَهُوَ أَيْضًا أَبْلَغُ فِي الدُّعَاءِ وَالْخُضُوعِ. فَقِرَاءَتُهُمَا أبلغ في الاستكانة والتضرع، فهي أولى.

[سورة الأعراف (7): الآيات 150 الى 151]
وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150) قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (151)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً) 150 لَمْ يَنْصَرِفْ" غَضْبَانَ" لِأَنَّ مُؤَنَّثَهُ غَضْبَى، وَلِأَنَّ الْأَلِفَ وَالنُّونَ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ أَلِفَيِ التَّأْنِيثِ فِي قَوْلِكَ حَمْرَاءُ. وَهُوَ نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ. وَ" أَسِفًا" شَدِيدُ الْغَضَبِ. قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: الْأَسَفُ مَنْزِلَةٌ وَرَاءَ الْغَضَبِ أَشَدُّ من ذلك. وهو أسف وأسف وَأَسْفَانٌ وَأَسُوفٌ. وَالْأَسِيفُ أَيْضًا الْحَزِينُ. ابْنُ عَبَّاسٍ

[1] راجع ج 12 ص 15.
[2] راجع ج 10 ص 409.
[3] راجع ج 13 ص 25.
[4] في ب وى: ابتلوا.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 286
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست